النسيج الاجتماعي المتين- تنوع وتماسك نحو جودة حياة أفضل

المؤلف: أسامة يماني10.17.2025
النسيج الاجتماعي المتين- تنوع وتماسك نحو جودة حياة أفضل

التنوع والتباين منحة ربانية تضفي على الحياة رونقًا خاصًا. فالكون يتجلى بألوان زاهية وتنوع فريد، مما يضفي عليه سحرًا وجاذبية، ويتجلى ذلك في عناصره المتنوعة من ماء رقراق وهواء عليل وتربة خصبة وصخور شامخة وجبال راسيات وسهول فسيحة وغابات وارفة وصحار ممتدة وبحار عميقة وسحب متراكمة وأمطار غزيرة. ومما يُميز وطننا الغالي ذلك التلاحم الاجتماعي الثري بألوان الطيف والتنوع الثقافي العريق والموروث الحضاري الأصيل. فالاندماج والتفاعل هما أساس قوة النسيج الاجتماعي وتماسكه وتجانسه وجمال تكوينه وترابطه وتأثيره المتبادل ومرونته اللافتة.

إن الارتباط الوثيق بين الأفراد والجماعات والتفاعل الحضاري البناء يُضفي على النسيج الاجتماعي قوة وصلابة، بينما الخلافات والنزاعات بين الأفراد أو استبعاد أي مكون من مكوناته، لا شك أنها تؤثر سلبًا على هذا النسيج وتجعله هشًا وغير قادر على التكيف. فمشاركة الأفراد بشكل فعال تُعزز الشعور بالبهجة وتؤدي إلى تنمية روح التعاون المثمر، وينعكس ذلك بالإيجاب على المجتمع ليصبح أكثر حيوية وإيجابية وقوة وتماسكًا، ويجعل البيئة المحيطة مفعمة بالسعادة والرخاء.

القرارات الاندفاعية أو الاستبعادية والتهميش وما شابهها من ممارسات، لها أثر سلبي وخيم، سواء على المدى القريب أو البعيد على المجتمع بأكمله. فالذوق الشخصي لا يمكن أن يكون معيارًا يُحتكم إليه لتقييم الجمال، وفرضه على الآخرين يضر بالتنوع الثقافي والاجتماعي، ولذلك، فإنه من الضروري إنشاء مراكز بحثية وهيئات متخصصة تضم كفاءات علمية متميزة، للمساهمة في وضع استراتيجيات وسياسات تنموية واجتماعية وثقافية وغيرها، بهدف الحفاظ على النسيج الاجتماعي المتين وترابط أعضائه وتكاتفهم وتعاونهم وحيوية المجتمع.

إن التشابه أو التفاعل بين الحضارات لا يبرر أبدًا استبعاد أي مكون من مكونات النسيج الاجتماعي المتكامل. ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك تناغم وانسجام في القرارات وتكامل في الرؤى، لأن إغفال هذه الجوانب له عواقب وخيمة، فالاجتهاد الخاطئ أو القناعات الذاتية التي تفتقر إلى الموضوعية حتمًا ستؤدي إلى اتخاذ قرارات غير صائبة.

لقد أولت رؤية المملكة 2030 اهتمامًا بالغًا بأهمية التنوع، ويتضح ذلك جليًا في برنامج جودة الحياة الذي أطلقته الدولة في عام 2018م، والذي يهدف إلى "تحسين جودة حياة الفرد والأسرة من خلال توفير البيئة الملائمة التي تدعم إيجاد خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطنين والمقيمين والزائرين في مختلف الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والسياحية، وغيرها من الأنماط التي تساهم في تحسين جودة الحياة، وخلق فرص عمل جديدة، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية لتتبوأ مراكز متقدمة بين أفضل المدن العالمية".

إن جودة الحياة التي حرم منها الوطن وأهله لسنوات طويلة بسبب تغييب العقول والجهود الحثيثة لنشر فكر القطيع، تجعل المسؤول أكثر حرصًا ويقظة لمنع أي قرار أو توجه استبعادي أو أي تفرقة بين المدن والقرى والمناطق. فشعب المملكة العربية السعودية شعب عظيم يستحق الأفضل دائمًا، وقيادتنا الرشيدة تسعى جاهدة لتحقيق الرفاهية والازدهار في جميع أرجاء الوطن الغالي.

إن الإقصاء والتهميش وغيرهما من الآفات الاجتماعية، تستوجب الحذر والتيقظ الدائمين، لأن تقبل التنوع والتباين هو مصدر قوة كامنة تجعل النسيج الاجتماعي أكثر تماسكًا ومرونة، وهو سبب رئيس في نشر ثقافة التقدير والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع، وتحقيق الازدهار والتنمية الشاملة وجودة الحياة الكريمة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة